فصل: من أقوال المفسرين:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.من أقوال المفسرين:

.قال الفخر:

{وَقَالَ ارْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (41)}
أما قوله: {وَقَالَ} يعني نوح عليه السلام لقومه: {اركبوا} والركوب العلو على ظهر الشيء ومنه ركوب الدابة وركوب السفينة وركوب البحر وكل شيء علا شيئًا فقد ركبه، يقال ركبه الدين قال الليث: وتسمي العرب من يركب السفينة راكب السفينة.
وأما الركبان والركب من ركبوا الدواب والإبل.
قال الواحدي: ولفظة (في) في قوله: {اركبوا فِيهَا} لا يجوز أن تكون من صلة الركوب، لأنه يقال ركبت السفينة ولا يقال ركبت في السفينة، بل الوجه أن يقال مفعول اركبوا محذوف والتقدير اركبوا الماء في السفينة، وأيضًا يجوز أن يكون فائدة هذه الزيادة، أنه أمرهم أن يكونوا في جوف الفلك لا على ظهرها فلو قال اركبوها: لتوهموا أنه أمرهم أن يكونوا على ظهر السفينة.
أما قوله تعالى: {بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا}
ففيه مسائل:
المسألة الأولى:
قرأ حمزة والكسائي وحفص عن عاصم مجريها بفتح الميم والباقون بضم الميم واتفقوا في مرساها أنه بضم الميم، وقال صاحب الكشاف: قرأ مجاهد: {مجريها ومرسيها} بلفظ اسم الفاعل مجروري المحل صفتين لله تعالى.
قال الواحدي: المجرى مصدر كالإجراء، ومثله قوله: {مُنزَلًا مُّبَارَكًا} [المؤمنون: 29] و: {أَدْخِلْنِى مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِى مُخْرَجَ صِدْقٍ} [الإسراء: 80] وأما من قرأ: {مجريها} بفتح الميم، فهو أيضًا مصدر، مثل الجري.
واحتج صاحب هذه القراءة بقوله: {وَهِىَ تَجْرِى بِهِمْ} [هود: 42] ولو كان مجراها لكان وهي تجريهم، وحجة من ضم الميم أن جرت بهم وأجرتهم يتقاربان في المعنى، فإذا قال: {تَجْرِى بِهِمْ} فكأنه قال: تجريهم، وأما المرسي فهو أيضًا مصدر كالإرساء.
يقال: رسا الشيء يرسو إذا ثبت وأرساه غيره، قال تعالى: {والجبال أرساها} [النازعات: 32] قال ابن عباس: يريد تجري بسم الله وقدرته، وترسو بسم الله وقدرته، وقيل: كان إذا أراد أن تجري بهم قال: {بِسْمِ اللَّهِ} فتجري، وإذا أراد أن ترسو قال: بسم الله مرساها فترسو.
المسألة الثانية:
ذكروا في عامل الإعراب في: {بِسْمِ اللَّهِ مجريها} وجوهًا: الأول: اركبوا بسم الله، والثاني: ابدؤا بسم الله، والثالث: بسم الله إجراؤها وإرساؤها، وقيل: إنها سارت لأول يوم من رجب، وقيل: لعشر مضين من رجب، فصارت ستة أشهر، واستوت يوم العاشر من المحرم على الجودي.
المسألة الثالثة:
في الآية احتمالان:
الاحتمال الأول: أن يكون مجموع قوله: {وَقَالَ اركبوا فِيهَا بِسْمِ الله مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا} كلامًا واحدًا، والتقدير: وقال اركبوا فيها بسم مجريها ومرساها، يعني ينبغي أن يكون الركوب مقرونًا بهذا الذكر.
والاحتمال الثاني: أن يكونا كلامين، والتقدير: أن نوحًا عليه السلام أمرهم بالركوب، ثم أخبرهم بأن مجريها ومرساها ليس إلا بسم الله وأمره وقدرته.
فالمعنى الأول: يشير إلى أن الإنسان لا ينبغي أن يشرع في أمر من الأمور إلا ويكون في وقت الشروع فيه ذاكرًا لاسم الله تعالى بالأذكار المقدسة حتى يكون ببركة ذلك الذكر سببًا لتمام ذلك المقصود.
والمعنى الثاني: يدل على أنه لما ركب السفينة أخبر القوم بأن السفينة ليست سببًا لحصول النجاة بل الواجب ربط الهمة وتعليق القلب بفضل الله تعالى، وأخبرهم أنه تعالى هو المجري والمرسي للسفينة، فإياكم أن تعولوا على السفينة، بل يجب أن يكون تعويلكم على فضل الله فإنه هو المجري والمرسي لها، فعلى التقدير الأول كان نوح عليه السلام وقت ركوب السفينة في مقام الذكر، وعلى التقدير الثاني كان في مقام الفكر والبراءة عن الحول والقوة وقطع النظر عن الأسباب واستغراق القلب في نور جلال مسبب الأسباب.
واعلم أن الإنسان إذا تفكر في طلب معرفة الله تعالى بالدليل والحجة فكأنه جلس في سفينة التفكر والتدبر، وأمواج الظلمات والضلالات قد علت تلك الجبال وارتفعت إلى مصاعد القلال، فإذا ابتدأت سفينة الفكرة والروية بالحركة وجب أن يكون هناك اعتماده على الله تعالى وتضرعه إلى الله تعالى وأن يكون بلسان القلب ونظر العقل.
يقول: بسم الله مجريها ومرساها حتى تصل سفينة فكره إلى ساحل النجاة وتتخلص عن أمواج الضلالات.
وأما قوله: {إِنَّ رَبّى لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ} ففيه سؤال وهو أن ذلك الوقت وقت الإهلاك وإظهار القهر فكيف يليق به هذا الذكر؟
وجوابه: لعل القوم الذين ركبوا السفينة اعتقدوا في أنفسهم أنا إنما نجونا ببركة علمنا فالله تعالى نبههم بهذا الكلام لإزالة ذلك العجب منهم، فإن الإنسان لا ينفك عن أنواع الزلات وظلمات الشهوات، وفي جميع الأحوال فهو محتاج إلى إعانة الله وفضله وإحسانه، وأن يكون رحيمًا لعقوبته غفورًا لذنوبه.
{وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ}
واعلم أن قوله: {وَهِىَ تَجْرِى بِهِمْ في مَوْجٍ كالجبال} مسائل:
المسألة الأولى:
قوله: {وَهِىَ تَجْرِى بِهِمْ في مَوْجٍ} متعلق بمحذوف، والتقدير: وقال اركبوا فيها، فركبوا فيها يقولون: بسم الله وهي تجري بهم في موج كالجبال.
المسألة الثانية:
الأمواج العظيمة إنما تحدث عند حصول الرياح القوية الشديدة العاصفة فهذا يدل على أنه حصل في ذلك الوقت رياح عاصفة شديدة، والمقصود منه: بيان شدة الهول والفزع.
المسألة الثالثة:
الجريان في الموج، هو أن تجري السفينة داخل الموج، وذلك يوجب الغرق، فالمراد أن الأمواج لما أحاطت بالسفينة من الجوانب، شبهت تلك السفينة بما إذا جرت في داخل تلك الأمواج.
ثم حكى الله تعالى عنه أنه نادى ابنه.
وفيه مسائل:
المسألة الأولى:
اختلفوا في أنه كان ابنًا له، وفيه أقوال:
القول الأول: أنه ابنه في الحقيقة، والدليل عليه: أنه تعالى نص عليه فقال: {ونادى نُوحٌ ابنه} ونوح أيضًا نص عليه فقال: {يا بَنِى} وصرف هذا اللفظ إلى أنه رباه، فأطلق عليه اسم الابن لهذا السبب صرف للكلام عن حقيقته إلى مجازه من غير ضرورة وأنه لا يجوز، والذين خالفوا هذا الظاهر إنما خالفوه لأنهم استبعدوا أن يكون ولد الرسول المعصوم كافرًا، وهذا بعيد، فإنه ثبت أن والد رسولنا صلى الله عليه وسلم كان كافرًا، ووالد إبراهيم عليه السلام كان كافرًا بنص القرآن، فكذلك ههنا، ثم القائلون بهذا القول اختلفوا في أنه عليه السلام لما قال: {رَّبّ لاَ تَذَرْ عَلَى الأرض مِنَ الكافرين دَيَّارًا} [نوح: 26] فكيف ناداه مع كفره؟
فأجابوا عنه من وجوه: الأول: أنه كان ينافق أباه فظن نوح أنه مؤمن فلذلك ناداه ولولا ذلك لما أحب نجاته.
والثاني: أنه عليه السلام كان يعلم أنه كافر، لكنه ظن أنه لما شاهد الغرق والأهوال العظيمة فإنه يقبل الإيمان فصار قوله: {يا بنى اركب مَّعَنَا} كالدلالة على أنه طلب منه الإيمان وتأكد هذا بقوله: {وَلاَ تَكُن مَّعَ الكافرين} أي تابعهم في الكفر واركب معنا.
والثالث: أن شفقة الأبوة لعلها حملته على ذلك النداء، والذي تقدم من قوله: {إِلاَّ مَن سَبَقَ عَلَيْهِ القول} كان كالمجمل فلعله عليه السلام جوز أن لا يكون هو داخلًا فيه.
القول الثاني: أنه كان ابن امرأته وهو قول محمد بن علي الباقر وقول الحسن البصري ويروى أن عليًا رضي الله عنه قرأ: {ونادى نُوحٌ ابنه} والضمير لامرأته.
وقرأ محمد بن علي وعروة بن الزبير: {ابنه} بفتح الهاء يريد أن ابنها إلا أنهما اكتفيا بالفتحة عن الألف، وقال قتادة سألت الحسن عنه فقال: والله ما كان ابنه فقلت: إن الله حكى عنه أنه قال: {إِنَّ ابنى مِنْ أَهْلِى} [هود: 45] وأنت تقول: ما كان ابنًا له، فقال: لم يقل: إنه مني ولكنه قال من أهلي وهذا يدل على قولي.
القول الثالث: أنه ولد على فراشه لغير رشدة، والقائلون بهذا القول احتجوا بقوله تعالى في امرأة نوح وامرأة لوط: {فخانتاهما} وهذا قول خبيث يجب صون منصب الأنبياء عن هذه الفضيحة لاسيما وهو على خلاف نص القرآن.
أما قوله تعالى: {فَخَانَتَاهُمَا} فليس فيه أن تلك الخيانة إنما حصلت بالسبب الذي ذكروه.
قيل لابن عباس رضي الله عنهما: ما كانت تلك الخيانة، فقال: كانت امرأة نوح تقول: زوجي مجنون، وامرأة لوط تدل الناس على ضيفه إذا نزلوا به.
ثم الدليل القاطع على فساد هذا المذهب قوله تعالى: {الخبيثات لِلْخَبِيثِينَ والخبيثون للخبيثات والطيبات لِلطَّيّبِينَ والطيبون للطيبات} [النور: 26] وأيضًا قوله تعالى: {الزانى لاَ يَنكِحُ إِلاَّ زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً والزانية لاَ يَنكِحُهَا إِلاَّ زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرّمَ ذلك عَلَى المؤمنين} [النور: 3] وبالجملة فقد دللنا على أن الحق هو مقول الأول.
وأما قوله: {وَكَانَ في مَعْزِلٍ} فاعلم أن المعزل في اللغة معناه: موضع منقطع عن غيره، وأصله من العزل، وهو التنحية والإبعاد.
تقول: كنت بمعزل عن كذا، أي بموضع قد عزل منه.
واعلم أن قوله: {وَكَانَ في مَعْزِلٍ} لا يدل على أنه في معزل من أي شيء فلهذا السبب ذكروا وجوهًا: الأول: أنه كان في معزل من السفينة لأنه كان يظن أن الجبل يمنعه من الغرق: الثاني: أنه كان في معزل عن أبيه وإخوته وقومه: الثالث: أنه كان في معزل من الكفار كأنه انفرد عنهم فظن نوح عليه السلام أن ذلك إنما كان لأنه أحب مفارقتهم.
أما قوله: {يا بنى اركب مَّعَنَا وَلاَ تَكُن مَّعَ الكافرين} فنقول: قرأ حفص عن عاصم: {يا بَنِى} بفتح الياء في جميع القرآن والباقون بالكسر.
قال أبو علي: الوجه الكسر وذلك أن اللام من ابن ياء أو واو فإذا صغرت ألحقت ياء التحقير، فلزم أن ترد اللام المحذوفة وإلا لزم أن تحرك ياء التحقير بحركات الإعراب لكنها لا تحرك لأنها لو حركت لزم أن تنقلب كما تنقلب سائر حروف المد واللين إذا كانت حروف إعراب، نحو عصا وقفا ولو انقلبت بطلت دلالتها على التحقير ثم أضفت إلى نفسك اجتمعت ثلاث آيات.
الأولى: منها للتحقير.
والثانية: لام الفعل.
والثالثة: التي للإضافة تقول: هذا بني فإذا ناديته صار فيه وجهان: إثبات الياء وحذفها والاختيار حذف الياء التي للإضافة وإبقاء الكسرة دلالة عليه نحو يا غلام ومن قرأ: {يا بَنِى} بفتح الياء فإنه أراد الإضافة أيضًا كما أرادها من قرأ بالكسر لكنه أبدل من الكسرة الفتحة ومن الياء الألف تخفيفا فصار يا بنيا كما قال:
يا ابنة عما لا تلومي واهجعي

ثم حذف الألف للتخفيف.
واعلم أنه تعالى لما حكى عن نوح عليه السلام أنه دعاه إلى أن يركب السفينة حكى عن ابنه أنه قال: {سَاوِى إلى جَبَلٍ يَعْصِمُنِى مِنَ الماء} وهذا يدل على أن الابن كان متماديًا في الكفر مصرًا عليه مكذبًا لأبيه فيما أخبر عنه فعند هذا قال نوح عليه السلام: {لاَ عَاصِمَ اليوم مِنْ أَمْرِ الله إِلاَّ مَن رَّحِمَ} وفيه سؤال، وهو أن الذي رحمه الله معصوم، فكيف يحسن استثناء المعصوم من العاصم وهو قوله: {لاَ عَاصِمَ اليوم مِنْ أَمْرِ الله} وذكروا في الجواب طرقًا كثيرة.
الوجه الأول: أنه تعالى قال قبل هذه الآية: {وَقَالَ اركبوا فِيهَا بِسْمِ الله مَجْريهَا وَمُرْسَاهَا إِنَّ رَبّى لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ} [هود: 41] فبين أنه تعالى رحيم وأنه برحمته يخلص هؤلاء الذين ركبوا السفينة من آفة الغرق.
إذا عرفت هذا فنقول: إن ابن نوح عليه السلام لما قال: سآوي إلى جبل يعصمني من الماء قال نوح عليه السلام أخطأت: {لاَ عَاصِمَ اليوم مِنْ أَمْرِ الله إِلاَّ مَن رَّحِمَ} والمعنى: إلا ذلك الذي ذكرت أنه برحمته يخلص هؤلاء من الغرق فصار تقدير الآية: لا عاصم اليوم من عذاب الله إلا الله الرحيم وتقديره: لا فرار من الله إلا إلى الله، وهو نظير قوله عليه السلام في دعائه: «وأعوذ بك منك» وهذا تأويل في غاية الحسن.
الوجه الثاني: في التأويل وهو الذي ذكره صاحب حل العقد أن هذا الاستثناء وقع من مضمر هو في حكم الملفوظ لظهور دلالة اللفظ عليه، والتقدير: لا عاصم اليوم لأحد من أمر الله إلا من رحم وهو كقولك لا نضرب اليوم إلا زيدًا، فإن تقديره لا تضرب أحدًا إلا زيدًا إلا أنه ترك التصريح به لدلالة اللفظ عليه فكذا ههنا.
الوجه الثالث: في التأويل أن قوله: {لاَ عَاصِمَ} أي لا ذا عصمة كما قالوا: رامح ولابن ومعناه ذو رمح، وذو لبن وقال تعالى: {مِن مَّاء دَافِقٍ} [الطارق: 6] و: {عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ} [الحاقة: 21] ومعناه ما ذكرنا فكذا ههنا، وعلى هذا التقدير: العاصم هو ذو العصمة، فيدخل فيه المعصوم، وحينئذ يصح استثناء قوله: {إِلاَّ مَن رَّحِمَ} منه.
الوجه الرابع: قوله: {لاَ عَاصِمَ اليوم مِنْ أَمْرِ الله إِلاَّ مَن رَّحِمَ} عنى بقوله إلا من رحم نفسه، لأن نوحًا وطائفته هم الذين خصهم الله تعالى برحمته، والمراد: لا عاصم لك إلا الله بمعنى أن بسببه تحصل رحمة الله، كما أضيف الإحياء إلى عيسى عليه السلام في قوله: {وأحيي الموتى} [آل عمران: 49] لأجل أن الإحياء حصل بدعائه.
الوجه الخامس: أن قوله: {إِلاَّ مَن رَّحِمَ} استثناء منقطع، والمعنى لكن من رحم الله معصوم ونظيره قوله تعالى: {مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتباع الظن} [النساء: 157] ثم إنه تعالى بين بقوله: {وَحَالَ بَيْنَهُمَا الموج} أي بسبب هذه الحيلولة خرج من أن يخاطبه نوح: {فَكَانَ مِنَ المغرقين}. اهـ.

.قال الماوردي:

قوله عز وجل: {وقال اركبوا فيها بِاسم الله مجريها ومرساها إن ربي لغفور رحيمٌ}
قال قتادة: ركب نوح عليه السلام في السفينة في اليوم العاشر من رجب، ونزل منها في اليوم العاشر من المحرم، وهو يوم عاشوراء، فقال لمن معه: من كان صائمًا فليتم صومه، ومن لم يكن صائمًا فليصمه.
وقوله: {بسم الله مجريها} أي مسيرها، {ومُرساها} أي مثبتها، فكان إذا أراد السير قال: بسم الله مجريها، فتجري، وإذا أراد الوقوف قال: بسم الله مرساها. فتثبت واقفة.
قوله عز وجل: {قال سآوي إلى جبل يعصمني من الماء} قال ذلك لبقائه على كفره تكذيبًا لأبيه، وقيل إن الجبل الذي أوى إليه طور زيتا.
{قال لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم} فيه وجهان:
أحدهما: إلا من رحم الله وهم أهل السفينة.
الثاني: إلا من رحم نوح فحمله في سفينته وقوله: {لا عاصم} يعني لا معصوم: {من أمر الله} يعني الغرق. اهـ.

.قال ابن الجوزي:

{وَقَالَ ارْكَبُوا فِيهَا بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا}
قوله تعالى: {وقال} يعني نوحًا للذين أمر بحملهم: {اركبوا} السفينة.
قال ابن عباس: ركبوا فيها لعشر مضين من رجب، وخرجوا منها يوم عاشوراء.